ثورة زراعية في أستراليا ببصمة لبنانية… فهل للبنان حصة؟
بعد توقعات الأمم المتحدة بوصول عدد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة بحلول العام 2050 ما قد يضعنا أمام مزيد من التوترات والأزمات والنزاعات، سارع باحثون في مجال علم النبات إلى إطلاق مشروع بحثي لزيادة انتاج المحاصيل الزراعية، حيث أوضح الباحثون الهدف من هذا المشروع عبر فيديو من إنتاج مركز التميز لأبحاث التمثيل الضوئي بالتعاون مع الاكاديمية الأسترالية للعلوم.
واللافت أن إحدى المشاركات بالبحث هي البروفسورة علا غنوم، استرالية من أصول لبنانية والتي أكدت أن الهدف من المشروع يعود إلى تغيير المناطق الزراعية وتغيير المناخ والحاجة إلى تطوير المحاصيل لزيادة الإنتاج في العالم.
فأين نصيب لبنان من المشروع؟ هل الاراضي الزراعية اللبنانية مؤهلة لزيادة المحاصيل وهل يستطيع لبنان الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي؟
أسئلة كثيرة حملها موقع “أحوال ميديا” للدكتورة غنوم، والتي أكدت بدورها أن “الزراعة في لبنان لا تزال مهملة رغم حاجة الاقتصاد اللبناني الى هذا القطاع الحيوي، ومنذ سنوات يكافح المزارعون والقيمون على القطاع من أجل البقاء، وذلك بسبب صغر المساحات المتاحة للزراعة نتيجة الزحف العمراني العشوائي وخصوصاً على الساحل حيث تتكدّس أكثرية السكان، إضافة إلى شح الموارد المائية وهدرها و اتباع أساليب زراعية تقليدية تفتقر للتكنولوجيا الحديثة ما أدى إلى تراجع الانتاجية في القطاع الزراعي”.
وتضيف: “لبنان أيضاً يعاني من ارتفاع كلفة الانتاج الزراعي مقارنة مع الدول المجاورة ما أدى إلى تراجع القدرة التنافسية للانتاج المحلي الزراعي، إضافة إلى ضعف التمويل الزراعي بسبب النمو غير المتوازن في البلاد”.
كما تشير غنوم إلى مشكلة أخرى تواجه القطاع وتتمثل “بإغلاق أسواق التصدير أمام الانتاج الزراعي اللبناني ما يضع المزارعين في أزمة كساد المحاصيل ويدفع بعضهم إلى رمي الخضار والفاكهة في الشوارع احتاجاجاً على الواقع المزري الذي وصلوا إليه، تماماً كما حصل في الأعوام الماضية، داعية إلى تحسين الوصول إلى الأسواق الجديدة عبر تعزيــز القــدرات علــى مســتوى الاتفاقات التجاريــة، والتــي تســتلزم التدريــب وتوجيــه السياســات وتقديــم الدعــم الفنــي للــوزارات وأصحــاب المصلحــة من أجل تصريف المحاصيل في الأسواق الخارجية”.
وتلفت أيضاً إلى “افتقار القطاع الزراعي لليد العاملة المحلية والاعتماد على العمالة الأجنبية وخصوصاً اللاجئين” .
من هذا المنطلق ترى غنوم أن لبنان “غير مؤهل لزيادة محاصيلة الزراعية ولا لتحقيق الاكتفاء الذاتي بسبب ضعف الاستثمارات الزراعية والكثافة السكانية، ونقض الموارد المائية إضافة إلى تراجع مستوى المدخلات في قطاعي الزراعة والأغذية الزراعية علماً ان تحقيق الاكتفاء هو مطلب ملح لتحقيق استقلالية لبنان الزراعية، وتكمن أهميته في توفير الأمن الغذائي للسكان، وتحصينهم من الأزمات والمجاعات التي تحدث بسبب نقص الإمدادات في السوق الدولية، أو بسبب غلاء الأسعار.
وتدعو غنوم إلى ضرورة “اتباع سياسة تنويع المحاصيل الزراعية، مشددة على ضرورة استدامة العمل الزراعي وتوجيه المزارع من خلال رزنامة زراعية داخلية والأهم هو خلق أسواق منافسة للمنتجات اللبنانية” .
أما بالنسبة لتأثير تغيير المناخ على القطاع الزراعي في لبنان فتؤكد غنوم أن التغيّرات المناخية تهدد في تدهور القطاع الزراعي، مشيرة إلى تحول لبنان تدريجياً إلى بلد حار وجاف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتدني معدلات هطول الأمطار مما يؤثر بشكل مباشر على انخفاض الانتاج وإلحاق ضرر جسيم بالبيئة والأراضي الزراعية، وتكبد المزارعين خسائر فادحة، ما يؤدي إلى انخفاض العرض في الأسواق اللبنانية. أيضاً تشير إلى أن محدودية الموارد المائية والأراضي، وضعف البنى التحتيية كلها عوامل تغذي وتدعم التاثيرات السلبية لتغيير المناخ وتزيد من المشكلة”.
ومن أجل تحسين الانتاج الزراعي تلفت غنوم إلى ضرورة وجود سلة من التشريعات و السياسات التي تحفز الإنتاج والتسويق الزراعي الزراعة في البيوت المحمية خصوصاً وأنها بيئة صالحة للإنبات بسبب التحكم بدرجات الحرارة والعوامل الجوية الأخرى، الأمر الذي يمنح المزارعين الفرصة لزيادة إنتاجهم وتوفر المحاصيل في الاسواق على مدار العام كما وتساعد في زيادة فرص العمل و التصدير وخصوصاً الخضار الطازج حيث أن عائداته مرتفعة جداً ما ينعكس إيجاباً على اقتصاد البلاد.
إضافة إلى ضرورة “تأسيس التعاونيات الزراعية التي تساهم في ارشاد المزراعين ومدهم بالمستلزمات الزراعية وتامين البذور والشتل والأسمدة، وأيضاً تساعد هذه التعاونيات المزارع على تصريف محصوله الزراعي. كما تدعو إلى تطوير مراكز البحوث والإنماء الزراعي لتدريب العاملين الزراعيين على الأساليب والتقنيات الحديثة ووتعليمهم على دراسة طبيعة التربة وحماية المياه،
كما يجب حماية التربة من التدهور وحماية الاراضي الزراعية من الزحف العمراني وإعادة تاهيل الموارد المائية”.
وتضيف: ” يجب إعادة ضم الحيازات الزراعية الصغيرة الى بعضها البعض، وتطوير مشاريع الري، و تشجيع الشباب اللبناني على الانخراط في العمل الزراعي من خلال تحفيزات تقدمها الدولة، اعتماد ثلاثة مستويات من الزراعة توفق بين الاكتفاء الذاتي والتصدير وتشمل المحاصيل الاساسية في السهول الداخلية، والاشجار المثمرة على المرتفعات والخضار في البيوت المحمية على السواحل وفي المدن، إلغاء الرسوم الجمركية على المحاصيل الزراعية”.
وتختم”: يجب أن يدرج تعزيز قطاع الزراعة في لبنان على سلّم الأولويات بغية الحفاظ على الأمن الغذائي وتعزيزه، ما يتطلّب استراتيجية واضحة وخيارات مناسبة تمنح وزارة الزراعة وموازنتها اهتماماً أكبر مما هي عليه اليوم. كما تبدي غنوم تفاؤلها قائلة: ” القطاع الزراعي مؤهل كي يكون حجر الرحى في نهضة لبنان الاقتصادية وخصوصاً الزراعة الذكية التي تعتمد على العلوم الحديثة والتكنولوجيا والتي تجذب الشباب اللبناني من خلال تامين فرص عمل جديدة وتعزيز الارتباط بالارض”.
نبذة عن البروفسورة غنوم
درست البروفسورة علا غنّوم في الجامعات الأستراليّة، حيث تخصصت في الكيمياء العضويّة ثم حصلت على درجة الدكتوراه في علوم النبات
بعد عملها في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبرا، استقرت في سيدني حيث تعمل كباحثة واستاذة محاضرة في جامعة غرب سيدني.
تتركّز أبحاث الدكتورة غنوم حول تأقلم المحاصيل الزراعية مع تغير المناخ و حول البستنة الذكية.
بالإضافة إلى منشوراتها العلمية، تهتم علا بتوثيق الهجرة العربية إلى أستراليا.